**
أنت الذي لم تكن صديق بداياتي !
لم تكبر معي ولم تقاسمني ألعاب طفولتي ولا أشعلت فتيل الألعاب النارية ليلة العيد معي!
ولا تجولت في طرقات الحي القديم بصحبتي..
ولا قطفت معي حبات التوت من بستان جدي
ولا شاركتني النظر إلى وجه جدتي وهي تسرد علي حكاية ذئب ليلى..وأمير سندريللا !
ولا شاركتني طيش تفاصيل مراهقتي.. ولا كتبت معي رسالة حب سرية .. ولا أخفيت معي الوردة الحمراء في كتابي المدرسي..
ولا دسست لي بين الكتب مجلة نسائية نهتني والدتي عن قراءتها..
ولا أغلقت الأبواب لقراءة رسالة عاشقي الأول معي
..ولا سترتني لمحادثة رجل أحببته على غفلة منهم !
ولا أغلقت الأبواب لقراءة رسالة عاشقي الأول معي
..ولا سترتني لمحادثة رجل أحببته على غفلة منهم !
لم تفعل كل ذلك ..ولا كنت كل هؤلاء !
لكنك كنت صديق نضج !
صديقي الأقرب إلى مُدُني الداخلية …صديق مرحلة العمر التي يكون فيها الحزن بكامل قوَّاه
لكنك كنت صديق نضج !
صديقي الأقرب إلى مُدُني الداخلية …صديق مرحلة العمر التي يكون فيها الحزن بكامل قوَّاه
والحنين شجرة وارفة الظلال … كـ سدرة البيت العتيق !
المرحلة التي نكون قد حصدنا فيها الكثير من التجارب والكثير من الهزائم
والكثير من الإنتكاسات والكثير من الأقنعة !
المرحلة التي نصل بها إلى منتصف أغلب الأشياء في حياتنا ..
المرحلة التي يتبقى لنا فيها أنصاف الأشياء..
نصف الحزن / نصف الفرح / نصف الحلم
ونصف التفاؤل ونصف المبادىء ونصف الطيبة ونصف الدهشة
ونصف القدرة ونصف القوة ونصف الصحة ..ونصف الرواية !
**
وفي هذه المرحلة الهامة من العمر ..والحرجة من الحلم أنت جئت ..
جئت لتشاركني كل اهتماماتي … اهتماماتي الناضجة أحيانًا !!
والحمقاء أحيانًا أخرى ..والطفولية في حالات كثيرة !
جئت لـ تطلي جدران الصداقة باللون الأبيض
جئت لـ تغرس ثمار أحلامنا في أراضي أعمارنا !
أعمارنا التي كنا نظن انها ستنتظرنا لتمنحنا فرصة جني الثمار التي غرسناها!
لكن بعد هذا العمر البسيط أتساءل أين أعمارنا؟
أين عمرك وأين عمري؟
أين عمرك وأين عمري؟
أين انصافنا الأخرى..الذين هيأنا أجمل محطات الإنتظار لإستقبالهم؟
أين أطفالنا… ليقاسموا أطفال رفاقنا اللعب?
أين الذين صنعنا لهم من أرواحنا جسور عبور ..لـ يمروا إلينا بسلام ..فمروا عنا !
أين أطفالنا… ليقاسموا أطفال رفاقنا اللعب?
أين الذين صنعنا لهم من أرواحنا جسور عبور ..لـ يمروا إلينا بسلام ..فمروا عنا !
لماذا يرعبنا الآن رصد أرصدتنا؟
لماذا يكسرنا الآن فتح سلات أعمارنا؟
لماذا يرعبنا الآن التجول في الطرقات القديمة ..وإختبار جري المسافات الطويلة…
والوقوف أمام المرايا؟
ومقابلة أصدقاء قدامى ..تحمل وجوههم خارطة أعمارنا ..
لماذا نتجنبهم كأن شهادات ميلادنا منحوتة على جباههم !
إحذر يا صديقي …تجنب كشف غطاء سلالك القديمة في هذا العمر!!
لا تعبث في ألبومات صور قديمه ..ولا تتطفل على صناديق رسائل هجرتها في أجمل العمر!
فـ سلّات عمرنا لا تحوي سوى أحلامًا وهن أغلبها ..وهُزم!
فـ سلّات عمرنا لا تحوي سوى أحلامًا وهن أغلبها ..وهُزم!
**
فنحن لم نجني يا صديقي من البياض سوى الهزائم!
نعم هزمنا يا صديقي بلا حرب
هزمنا بلا زلازل وبلا براكين وبلا طوفان غاضب ..
هزمنا يا صديقي ..قبل أن نكون قد هرمنا !
وأعلم ..انه حديث العمر الذي تكره ..والذي دائمًا أشاغبك به !
فأنت ترفض زحف السنوات ..في الوقت الذي أنا أستعجلها المرور ..
لهذا كنت أنت لا تكبر …وأنا أشيخ رغم الصِبا !
فأعمارنا الحقيقية تنبع من دواخلنا ..وتكبر إن كبرت هموم أعماقنا قبل أواننا ..
**
لا تحزن يا صديقي …ربما لم نكبر …لكننا نضجنا .. نضجنا كثيرًا!
نضجنا لـ درجة إخفاء ألعابنا القطنية.. لـ درجة هجر طائراتنا الورقية !
نضجنا لـ درجة إخفاء ألعابنا القطنية.. لـ درجة هجر طائراتنا الورقية !
لـ درجة الخجل من القفز فوق الحبال!
لـ درجة تجنب السير بلا أحذية فوق الرمال!
لـ درجة صناعة أقنعة متعددة لمناسباتنا المختلفة
لـ درجة تصديق أن المحال ..هو المحال !
لـ درجة تصديق أن المحال ..هو المحال !
نضجنا يا صديقي
ومازالت أحزاننا كهواياتنا متشابهة
مازال كلانا يحتفظ بصوت جدته في أذنيه !
مازال كلانا يبحث عن عطر جده في كف يديه
ومازالت أحزاننا كهواياتنا متشابهة
مازال كلانا يحتفظ بصوت جدته في أذنيه !
مازال كلانا يبحث عن عطر جده في كف يديه
مازال كلانا يرى والده عظيما قويا شامخ القامة رغم إنحناء الزمن ..
ومازال كلانا يشعر انه غريب زمان رحل عنه أحبته جميعًا
وخلفوه نائمًا تحت شجرة مهجورة !
وأستيقظ بعد رحيلهم مرعوبًا ..ينادي باكيًا ..قافلة رحلت من دونه !
**
فأنا الأميرة المخلوعة من عرش الفرح !
الممتلئة بالحزن كـ مدينة مات كل سكانها بالوباء
وسكنت الرياح طرقاتها
وبقيت الطرقات والجدران شواهد !
وسكنت الرياح طرقاتها
وبقيت الطرقات والجدران شواهد !
وأنت العاشق الأبيض دائمًا !
كل قصص قلبك التي كنت تسردها على مسمعي
كانت تشي انك عاشق أبيض لا تجيد التلون !
تبدأ الحكاية بـ نور…وتختمها بـ نور!
كنت راقيًا يا صديقي… كـ فرسان القرون الوسطى !
كنت رومنسيًا لـ درجة العزف تحت شرفتها في ليلة شتائية غزيرة المطر !
لكنك كنت صادقًا… لـ درجة الفشل !
نضجنا يا صديقي و تغيرت أحزان العالم ورومانسيته وهمومه كثيرًا !
وأصبحت ثوراته أكبر من ثورة البسكويت ..
أتذكرها؟
وأصبحت ثوراته أكبر من ثورة البسكويت ..
أتذكرها؟
كانت أحزانك في نظري كثورة البسكويت ..
كانت تضحكني رغم مرارتها !
لكني كنت دائمًا اشعر أن في داخلك هزيمة ما ..إنتكاسة ما..
خذلان أحبة أحرق الجزء الأعظم من أحلامك..
أو سراب طريق أرهقك اتباعه !
لهذا كنت أخفيك أكثر من أسراري..
و أتابع أحزانك بيني وبين نفسي ترقبًا لـ نهاية تهديك الفرح!
فحتى الذين وثقت بهم وحدثتهم عنك لم أحدثك يومًا عنهم
كنت في نظرك انثى مثالية ..لأني لم أكن أستطرد في سرد هزائمي وإنتكاساتي عليك
كنت في نظرك انثى مثالية ..لأني لم أكن أستطرد في سرد هزائمي وإنتكاساتي عليك
كنت شديدة الحذر في سرد حكاياتي وأحزاني امامك
كنت دائما أحرص على بقاء ألواني ناصعة في عينيك
كأنثى في بدايات حب !
رغم اننا يا صديقي لم نتقاسم حكاية حب
ولا وجبة حلم دسمة !
لهذا دمنا سنوات لم نفترق
لهذا دمنا سنوات لم نفترق
ولهذا بقيت المسافات بيننا بيضاء لم تشوهها حماقات الحب ..
ولم تحرق الغيرة أطرافها !
**
ولهذا اقتربنا كثيرًا …وتشابهنا كثيرًا !
تشابهنا في تتبع سير الزمان وعلامات آخره
تشابهنا في إرتداء الطفولة ..في تذكر فرحة ليلة العيد الأولى
في أمنية إرجاع الزمان إلى الوراء ..في الحنين إلى مقاعدنا الدراسية
في أختياراتنا من عربة البوظة !
متشابهون نحن حتى في مواقفنا السياسية .. رغم إختلاف طرحي وطرحك !!
***
صديقي ..قد تمر يوماً من هنا !
لا يهمني أن يعرفك الآخرون.. يهمني أن تشم أنت ..
عطرك في الكلمة الأولي من السطر الأول
يهمني قبل أن أغادر الحياة .. أعلق على صدرك وسام صداقة رفيع المستوى!
بهمني قبل الرحيل أن أضع أمام عتبة بابك باقة ورد ..وبطاقة شكر بيضاء!
وعبارة يعقبها توقيعي (شكرًا صديقي الأخ ..وشكرًا أخي الصديق)
يهمني جدًا.. حين ألوح مودعة أن لا تختلي بنفسك لـ تبكيني
فقلبك وأعرفه جيدًا…لا يجيد استقبال أنباء الرحيل بـ صمت!
ومثلك لا يلوح .. حين يلوح بلا ُبكاء!
فقلبك وأعرفه جيدًا…لا يجيد استقبال أنباء الرحيل بـ صمت!
ومثلك لا يلوح .. حين يلوح بلا ُبكاء!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق